في تحول أمني مفاجئ أنهى أحد أكثر الإجراءات إثارة للجدل في مطارات أمريكا، أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية وقف إلزام المسافرين بخلع أحذيتهم خلال التفتيش الأمني، لتطوي بذلك صفحة امتدت لنحو عشرين عاماً، بدأت بعد محاولة تفجير شهيرة أحدثت صدمة في عالم الطيران. 
القرار يُعد مؤشراً على ثقة أمريكا بالتطور التكنولوجي وقدرته على الحفاظ على الأمن دون المساس براحة الركاب.

إجراء جديد يعيد رسم تجربة السفر

أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، كريستي نويم، أن الركاب المسافرين عبر المطارات الأميركية لن يُطلب منهم بعد الآن خلع أحذيتهم أثناء الفحص الأمني، مؤكدة أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة خطوات تهدف إلى تحديث وتحسين تجربة المسافرين، دون الإخلال بمستوى الأمان.

وقالت نويم في بيان رسمي: "كما هو الحال دائما، يظل الأمن على رأس أولوياتنا، وبفضل التقدم التكنولوجي المتطور ونهجنا الأمني متعدد الطبقات، نحن واثقون من قدرتنا على تنفيذ هذا التغيير دون أي مخاطرة أمنية."

جذور القرار: من محاولة تفجير إلى سياسة طويلة الأمد

تعود أصول سياسة خلع الأحذية في المطارات الأميركية إلى شهر ديسمبر عام 2001، حين حاول المواطن البريطاني ريتشارد ريد تفجير قنبلة مخبأة في حذائه خلال رحلة من باريس إلى ميامي، وهو ما عُرف إعلامياً لاحقاً باسم "تفجير الحذاء".
هذه الحادثة المثيرة للذعر دفعت السلطات في أمريكا إلى تشديد الإجراءات الأمنية بشكل غير مسبوق.

وفي عام 2006، وبناءً على معلومات استخباراتية أكدت وجود تهديدات متكررة باستخدام المتفجرات في الأحذية، فرضت إدارة أمن النقل الأميركية (TSA) سياسة إلزامية بخلع الأحذية أثناء الفحص الأمني، لتصبح قاعدة أساسية في كل مطار أميركي.

إدارة أمن النقل: ثمرة هجمات 11 سبتمبر

يُذكر أن إدارة أمن النقل أنشئت عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وتحديداً في نوفمبر من نفس العام خلال ولاية الرئيس جورج بوش الابن، لتتولى مسؤولية أمن جميع وسائل النقل، وعلى رأسها المطارات، وتكون مسؤولة عن صياغة وتطبيق السياسات الأمنية الجديدة.

وفي إطار تلك السياسات، فُرض أيضاً حظر على السوائل والمواد الهلامية داخل الأمتعة المحمولة في أغسطس 2006، بعد كشف محاولة لاستخدام متفجرات سائلة لتفجير طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة. 
وقد تم لاحقاً تخفيف الحظر والسماح بكميات صغيرة من السوائل ضمن معايير محددة.

تكنولوجيا متطورة تحل محل الإجراءات التقليدية في أمريكا

القرار الأخير يعكس تغيراً كبيراً في الفلسفة الأمنية الأميركية، حيث لم تعد تعتمد فقط على الإجراءات اليدوية والمرئية، بل أصبحت تستند إلى أنظمة كشف متطورة تشمل المسح بالأشعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل السلوك، ما يسمح بالتعامل مع التهديدات بفعالية أكبر ودون إزعاج الركاب.

هذا التطور التكنولوجي منح السلطات في أمريكا الثقة لإلغاء بعض الإجراءات التقليدية، مثل خلع الأحذية، مع التأكيد على أن أمن الطيران لا يزال في صدارة الأولويات، ولكن بطرق أكثر مرونة وتقدماً.

قرار وزارة الأمن الداخلي بإنهاء سياسة خلع الأحذية في المطارات لا يمثل فقط تغييراً في البروتوكولات، بل هو انعكاس لمرحلة جديدة من الأمن الذكي والسفر المريح في الولايات المتحدة.