نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اسرائيل
ردت
على
شكوى
عون
بضرب
بيروت - بلس 48, اليوم السبت 29 مارس 2025 10:10 صباحاً
لم تستسغ اسرائيل ما قام به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من زيارة كانت سريعة الى فرنسا، ولو انها كان يجب ان تكون على قدر اكبر من الاهمية والتواصل، الا انها لم تكن ايضاً فارغة، وامتعضت من شكوى عون عليها للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومحاولة توسيطه مع "الاخ الاكبر" Big Brother (1) (وهي هنا مختلفة تماماً عن الصفة المعطاة لرئيس مجلس النواب نبيه بري من قبل حزب الله) للضغط على اسرائيل لمنعها من افشال العهد الذي بدأ يخطو اولى خطواته الداخلية بثبات، وفوزه في معركة تعيين حاكم مصرف لبنان التي حسمت بالنقاط.
الزيارة الى فرنسا اعتبرتها اسرائيل محاولة من عون لاظهار الدعم الدولي له، وقدرته على حشد التأييد للضغط على اسرائيل لتقديم شيء ملموس يمكّن رئيس الجمهورية من الانتقال الى مرحلة اخرى، مطلوبة اقليمياً دولياً، فلعبت لعبتها الخبيثة القاضية بتكبير الاعتداءات والمآسي على اللبنانيين، فيرضون بأقل مما كان معروضاً عليهم (وهو اصلاً قليل)، ويقبلون بما لم يكن يقبلون به سابقاً تحت ضغط النار والقوة. وهذا ما يمكن تلمسه من جواب رئيس الجمهورية على سؤال بالامس عن الاستعداد للتفاوض مع الاسرائيليين وفقاً للرغبة الاميركية، التي اعادت نائبة المبعوث الاميركي للشرق الاوسط مورغان اورتاغوس التشديد عليها في معرض تعليقها على الضربات الاسرائيلية الجديدة على لبنان، اذ بدا وكأن لبنان بات اكثر مرونة حيال التفاوض مع اسرائيل، اذا ما انسحبت من النقاط الخمس وافرجت عن الاسرى، ليصار الى ترسيم الحدود البرية.
امام هذا الواقع، وجد المسؤولون الاسرائيليون الباب مفتوحاً امامهم للقيام بأمر لم يحصل منذ الاعلان عن وقف الاعمال العدائية، وبعد انتخاب رئيس للجمهورية، اي قصف بيروت وتحديداً ضاحيتها الجنوبية في يوم عادي يعج بالمواطنين من مختلف الاعمار، فقلبت بذلك اهداف وبرنامج زيارة عون الى باريس، رأساً على عقب، وتحوّلت الى نجمة الخلوة واللقاء الرباعي والخماسي المتوسطي، وارتدعت فقط حين تكلم "الاخ الاكبر" اي الرئيس الحالي دونالد ترامب.
لم يكن الهدف الذي تعرض للضربة الاسرائيلية مهماً، ولا كان يأوي بالتأكيد اسلحة لحزب الله، انما الهدف منه كان فقط ترويع اللبنانيين وارسال رسالة واضحة مفادها ان اي معارضة او محاولة توسيط احد لعدم تنفيذ الشروط الاسرائيلية، ستكون عواقبه المزيد من الضغط والنار والقوة، خصوصاً مع غياب اي رادع عسكري او دبلوماسي يعيد النشوة الاسرائيلية الى مكانها الطبيعي ويمنعها من النمو. هذه الضربة اعادت خلط الاوراق مجدداً، ووضعت لبنان على طريق البحث عن تخفيف العدوان والاعتداءات بدل البحث عن السبل الآيلة الى الضغط على اسرائيل للانسحاب وتسليم الاسرى، ليصار بعدها الى اجبار لبنان ان يسلك طريق التطبيع الذي يعمل من اجله الاسرائيليون والاميركيون من دون ملل او تعب.
كان يمكن لزيارة الرئيس عون الى فرنسا ان تكون اكثر نجاحاً لو لم تكن على هذا القدر من السرعة (كانت اقل من الوقت الذي قضاه عون في الطائرة ذهاباً واياباً)، ولو تم تخصيص وقت اطول للقمة الثنائية، الا ان الاعتداءات الاسرائيلية اطاحت بكل ما كان يعوّل عليه عون، ووضعت اهدافها وشروطها ومطالبها في سلم الاولويات مجدداً.
الواقع الجديد الذي تعمل اسرائيل على فرضه قوامه: اما الرضوخ للمفاوضات المباشرة التي ستؤدّي حتماً الى التطبيع، واما الرضوخ للواقع الجديد المتسجد بالبقاء تحت نير الاعتداءات والضربات الجوية في اي مكان في لبنان، في معضلة سيكون الخاسر الاكبر فيها رئيس الجمهورية الذي قاتلت الدول الغربيّة والعربيّة لوصوله الى قصر بعبدا، ولم تستطع دعمه كما يجب حين دعت الحاجة الى ذلك.
(1) مصطلح يعني رقابة الحكومات والشركات الكبرى على المواطنين في الأماكن العامة والخاصة، وانتهاك خصوصيتهم. بمعنى ممارسة نفوذ عليهم حتى من دون رغبتهم في ذلك.
0 تعليق