في تصعيد لافت لتحذيراتها الموجهة إلى الصين، بدأت تايوان استعراضاً عسكرياً شاملاً يهدف إلى التأكيد على جاهزيتها لصد أي محاولة غزو صيني محتمل، وسط بيئة إقليمية متوترة ومتقلبة. 
فقد بدأ الجيش التايواني، السبت، باستخدام أحد أحدث أسلحته الهجومية وأكثرها دقة، وهو نظام الصواريخ الأميركي المتطور هيمارس (HIMARS)، وذلك في إطار التدريبات الدفاعية السنوية "هان كوانج"، التي تم تمديدها هذا العام لتصبح الأطول والأكثر شمولاً منذ انطلاقها.

تايوان واستعراض القوة: HIMARS في شوارع تايتشونج

في مشهد غير مألوف، شوهدت شاحنات مدرعة مزودة بمنظومة هيمارس تجوب شوارع مدينة تايتشونج الساحلية، في اليوم الرابع من أصل عشرة أيام من المناورات.
وأوضح الكولونيل تشين ليان-جيا، المتحدث باسم الجيش التايواني، أن هذه الأنظمة المتقدمة يجب أن تُخفى خلال الحرب عن طائرات التجسس والأقمار الصناعية وحتى العملاء الميدانيين، حتى تحين لحظة إطلاق النار.

هذه المشاركة تُعد أول ظهور فعلي علني لمنظومة "هيمارس" في مناورات تايوانية، بعد أن تسلمتها البلاد أواخر العام الماضي، في خطوة رأى فيها مراقبون تحذيراً واضحاً لبكين من قدرات الجزيرة الدفاعية.

الصين تراقب عن كثب وتردّ بغضب

جاءت هذه التطورات بعد سلسلة من التصريحات التصعيدية من الطرفين. فبينما تؤكد تايوان مراراً أن شعبها هو الوحيد المخول بتقرير مصيرها، تستمر بكين في اعتبار الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.
وفي رد فعل سريع، شنّت السلطات الصينية هجوماً لفظياً على الرئيس التايواني لاي تشينج تي، متهمة إياه بـ"تشويه التاريخ"، في حين وصف المتحدث العسكري الصيني العقيد جيانغ بين المناورات بأنها "خدعة لإثارة الرأي العام".

تدريبات متقدمة تشمل طائرات مسيّرة ودبابات أميركية

التدريبات شملت أيضاً عرضاً مباشراً لدبابات "أبرامز" الأميركية الحديثة من طراز M1A2، لتُعلن بذلك نهاية الاعتماد على دبابات باتون القديمة.
كما أصبحت الطائرات المسيّرة عاملاً محورياً في هذه المناورات، في إشارة واضحة إلى التكيف مع طبيعة الحرب الحديثة.

وكان لافتاً استدعاء 22 ألفاً من جنود الاحتياط لأول مرة، ما يعكس تغيراً جذرياً في عقيدة الدفاع التايوانية، التي لم تعد تتعامل مع خطر الغزو كفرضية بعيدة، بل كتهديد قائم قد يتحقق خلال سنوات قليلة.

ردود فعل اقتصادية: الصين تفرض عقوبات على قطاع الدفاع التايواني

في خطوة موازية للميدان العسكري، أعلنت وزارة التجارة الصينية فرض عقوبات على 8 شركات دفاع تايوانية تعمل في مجال تصنيع الطائرات والغواصات والمعدات العسكرية. 
لكن مجلس شؤون البر الرئيسي في تايبيه أكد أن هذه الإجراءات لن تُغير من سياسة تطوير الصناعات الدفاعية الوطنية.

سيناريو الغزو في 2027: هل تصمد تايوان حتى وصول واشنطن؟

مناورات "هان كوانج" هذا العام تحاكي سيناريو مفصلاً لهجوم صيني واسع النطاق في عام 2027، وهو نفس الإطار الزمني الذي تحدث عنه مسؤولون في البنتاجون. وعلى عكس السنوات الماضية، لم يعد السيناريو يفترض نصراً مضموناً للقوات التايوانية، بل تتركز الاستراتيجية على "الصمود" لأطول فترة ممكنة حتى تتمكن الولايات المتحدة من التدخل.

في ظل هذا المشهد المتوتر، تُرسل تايوان رسالة واضحة إلى الصين والعالم مفادها: "نحن مستعدون للدفاع عن أنفسنا، ولسنا وحدنا."