نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السلطة
المغربية
وبائع
السمك:
بين
احتواء
الغضب
الشعبي
والذكاء
السياسي. - بلس 48, اليوم الاثنين 31 مارس 2025 03:30 صباحاً
13 ساعات 50 دقيقة مضت
محمد علمي
يبدو أن موقف السلطة المغربية من بائع السمك المراكشي يعكس استراتيجية تقليدية تتبناها الدول التي تراقب نبض الشارع قبل اتخاذ قرارات تصعيدية قد تؤدي إلى اضطرابات أوسع. في البداية، تعاملت السلطات مع القضية من منظور قانوني وإداري، حيث استندت إلى مبرر عدم الترخيص لإغلاق محل البائع الشاب واحتجازه قيد التحقيق، لكن التفاعل الشعبي الكبير والتضامن الواسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمام مقاطع بكاء الشاب بحرقة، أجبرها على إعادة النظر في موقفها بسرعة.
فما سبب هذا التغير المفاجئ يا ترى ؟
السلطة والشارع: تكتيك الاحتواء بدل المواجهة
عندما تواجه الدولة موجة غضب شعبي، فإنها غالبًا ما تلجأ إلى التهدئة بدل التصعيد، خصوصًا عندما يكون الموضوع مرتبطًا بقضايا معيشية تمس المواطن البسيط، مثل ارتفاع أسعار المواد الأساسية. وهذا ما حصل في حالة بائع السمك، حيث وجدت السلطة نفسها أمام ضغط كبير فرض عليها تغيير موقفها واستقباله كبطل يحارب الاحتكار وغلاء الأسعار، في محاولة لتحويله من رمز للمظلومية إلى نموذج للمصالحة بين الدولة والمواطنين.
الدولة تجد نفسها محاصرة أمام قوة مواقع التواصل الإجتماعي
لم يكن لهذا التحول أن يحدث لولا الدور الكبير الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الخبر وتضخيمه، مما جعل القضية تتجاوز مجرد مخالفة إدارية إلى قضية رأي عام تهم شريحة واسعة من المجتمع المغربي الذي يعاني من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. وقد أدركت السلطة أن أي تصعيد ضد هذا الشاب قد يُلهب الوضع أكثر، ويحوّل مسألة خفض أسعار السمك إلى موجة احتجاج أوسع ضد الفساد والاحتكار وغلاء المعيشة.
السلطة بين الذكاء السياسي واحتواء الغضب
لا شك أن السلطة كانت مدركة تمامًا لما قد يترتب على استمرار موقفها المتشدد، ولذلك فضّلت التكيف مع الوضع واحتوائه بدل التصعيد. فمن جهة، أدركت أن المواطن المغلوب على أمره لم يعد يحتاج سوى شرارة بسيطة للانتفاض، ومن جهة أخرى، لا تريد أن تعطي صورة عن دولة قمعية تتعامل بعنف مع مواطن يحاول تخفيف الأعباء عن شعبه ، ناهيك عن أن الخبر لم يبق حبيس منابر إعلامية محلية بل تعداه إلى منابر إعلامية عالمية وتفاعل معه مؤثرون من داخل و خارج المغرب.
المحصلة: تهدئة الشارع دون تقديم حلول جذرية
التراجع عن معاقبة بائع السمك واحتضانه كمناضل شعبي هو خطوة تكتيكية تهدف إلى امتصاص الغضب، لكنه لا يعني بالضرورة معالجة أصل المشكلة. فارتفاع الأسعار والاحتكار لن ينتهيا بهذا التنازل المؤقت، وربما تكون هذه مجرد خطوة استباقية ريثما تهدأ العاصفة، قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها تدريجيا.
السؤال الحقيقي هو:
هل سيستمر الضغط الشعبي لمحاصرة المضاربين في قادم الأيام، أم أن القضية ستنتهي كما بدأت كزوبعة في فنجان؟
وهل حان الوقت لتدرك الدولة أن التصدي للإحتكار والمضاربة أصبح ضرورة ملحة وواجبا لامفر منه؟
أم أنها ستسعى بدل ذلك إلى فرض قيود على مواقع التواصل التواصل الإجتماعي، التي تاتت تشكل مصدر إزعاج لها ؟
0 تعليق