في تطور خطير يزيد من حدة التوتر بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فجّرت طهران مفاجأة مدوّية بإعلانها اكتشاف شرائح تجسس داخل أحذية مفتشي الوكالة أثناء زيارتهم لمنشآتها النووية. 
الكشف الذي أعلنه مسؤول برلماني بارز جاء مصحوبًا باتهامات مباشرة لإسرائيل بتزويد الوكالة بمعلومات استخباراتية، واتهامات متكررة للمدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، بتسريب تقارير سرية إلى تل أبيب وواشنطن.

هذه الاتهامات الجديدة تعمّق من أزمة الثقة بين إيران والوكالة، في ظل توقف رسمي للتعاون بين الطرفين، ووسط تصاعد المواجهة الإقليمية بعد حرب الأيام الـ12 مع إسرائيل، والتي استهدفت مواقع نووية إيرانية حساسة.

شرائح تجسس داخل الأحذية واتهامات بالتورط

كشف نائب رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمود نبويان، أن السلطات الإيرانية اكتشفت وجود شرائح تجسس مشبوهة مزروعة داخل أحذية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال عمليات تفتيش أجروها داخل المنشآت النووية الإيرانية. 
وقال نبويان في مقابلة مع وكالة أنباء فارس: "نحن نعلم أنهم لا يملكون القدرة التقنية على اكتشاف منشآتنا من تلقاء أنفسهم، كيف عرفوا بوجود موقع نووي في نطنز؟ إما أن الولايات المتحدة زودتهم بصور أقمار صناعية، أو أنهم يحصلون على معلومات عبر وسائل تجسس مباشرة".

غروسي في مرمى النيران الإيرانية

وتوجّه النائب الإيراني باتهامات مباشرة لمدير الوكالة الدولية، رافائيل غروسي، متسائلًا عن مصادر المعلومات التي تستند إليها الوكالة في تقريرها الأخير بشأن ثلاثة مواقع نووية إيرانية لا تزال محل خلاف. وتساءل نبويان: "هل حصلتم على هذه الوثائق من إسرائيل؟ وهل إسرائيل جزء من معاهدة حظر الانتشار النووي حتى تُمنح مصداقية؟"

واتهم غروسي بنقل تقارير سرية قدمتها إيران للوكالة إلى إسرائيل، مضيفًا: "عندما نقول إن هناك تجسسًا، فنحن لا نُطلق الاتهامات جزافًا، بل نمتلك أدلة ملموسة".

وثائق إسرائيلية سرية بيد الاستخبارات الإيرانية

وفي تصريح لافت، قال نبويان إن وزارة الاستخبارات الإيرانية حصلت على قرابة عشرة ملايين وثيقة من مصادر إسرائيلية، تدعم رواية إيران بشأن اختراقات خطيرة لتقاريرها النووية. 
وأوضح أن المعلومات التي كان يفترض أن تبقى ضمن ملفات مغلقة لدى الوكالة، بدأت تظهر في الصحافة الإسرائيلية والأميركية قبل أي مناقشة رسمية داخل أروقة المنظمة الدولية.

تعليق رسمي للتعاون وإيران تتهم الوكالة بالانحياز

ردًا على ما تصفه بـ"الانحياز الفاضح" من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعلنت إيران تعليق تعاونها رسميًا مع الوكالة، بعد توقيع الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، على قانون أقرّه البرلمان بهذا الشأن.

وجاء التعليق في أعقاب تصويت مجلس محافظي الوكالة على قرار يُحمّل إيران مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتها ضمن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ما اعتبرته طهران تبريرًا سياسيًا للغارات الجوية التي نفذتها إسرائيل لاحقًا ضد منشآت نووية وعسكرية إيرانية، بمشاركة أميركية مباشرة.

تضع هذه التطورات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحت مجهر الانتقادات، وتُعيد فتح ملف مصداقيتها في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وسط اتهامات بالتجسس، وتسريب المعلومات، وانحياز واضح ضد إيران. 
ومع تصاعد المواجهة الإقليمية، تبدو الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات، وقد تنقل التوتر من أروقة المراقبة النووية إلى ساحة صراع مفتوح.