في خطوة تعكس عمق التحديات الاقتصادية التي تواجه ليبيا، أعلن مصرف ليبيا المركزي عن خفض سعر صرف الدينار الليبي بنسبة 13.3% أمام العملات الأجنبية، وسط تحذيرات من تفاقم العجز المالي وارتفاع الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة.

وبموجب قرار مجلس الإدارة رقم (18) لسنة 2025، تم تعديل سعر صرف الدينار من 0.1555 وحدة حقوق سحب خاصة إلى 0.1349 وحدة، ليصبح سعر صرف الدولار الأميركي 5.5677 دينارًا ليبيًا، ما يمثل انخفاضًا كبيرًا في قيمة العملة المحلية.

أسباب القرار: تراجع الإيرادات النفطية وتضخم الإنفاق

أوضح المصرف أن القرار جاء في ظل تراجع ملحوظ في الإيرادات النفطية، التي وصلت إلى نحو 5.2 مليار دولار فقط خلال الربع الأول من عام 2025 حتى 27 مارس، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تواجه قطاع النفط المتعثر بفعل الصراع السياسي المتصاعد.

في المقابل، كشف المصرف أن الإنفاق الحكومي تجاوز مستويات مقلقة، مرجحًا أن يصل الدين العام إلى 330 مليار دينار مع نهاية العام، مقارنة بـ270 مليار دينار حاليًا. كما أشار إلى أن الاحتياطي الأجنبي البالغ 84 مليار دولار لم يعد كافيًا لتغطية العجز المتزايد والالتزامات المالية.

انقسام سياسي يعمّق الأزمة

ويرى خبراء اقتصاديون أن الانقسام السياسي بين حكومتين متنافستين في طرابلس وبنغازي ساهم في تفاقم الأزمة، حيث تمتلك كل حكومة ميزانيتها المستقلة، وبلغ الإنفاق الكلي لهما خلال عام 2024 نحو 224 مليار دينار. كما أدى غياب سياسة نقدية موحدة، وتزايد الاعتماد على الواردات، إلى تعميق الاختلالات الاقتصادية والضغط على سوق الصرف.

تحذيرات من تداعيات اجتماعية واقتصادية واسعة

حذر مصرف ليبيا المركزي في بيان شديد اللهجة من أن استمرار الإنفاق دون ضوابط سيؤدي إلى ارتفاع التضخم، وشح السيولة الأجنبية، واتساع السوق الموازية للعملات، ما قد ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانهيار القدرة الشرائية.

وتشير بيانات المصرف إلى عجز في ميزان المدفوعات بلغ 4.6 مليار دولار خلال الربع الأول فقط من عام 2025، فيما انخفضت الإيرادات النفطية لعام 2024 إلى 18.6 مليار دولار، مقابل إنفاق حكومي وصل إلى 27 مليار دولار.

مستقبل ضبابي يتطلب إصلاحات جذرية

أمام هذا المشهد المعقد، يرى مراقبون أن ليبيا تقف على أعتاب أزمة اقتصادية عميقة ما لم تُتّخذ إجراءات فورية لإعادة هيكلة الاقتصاد، وتوحيد السياسات النقدية، وترشيد الإنفاق، مع ضرورة التوصّل إلى تسوية سياسية تُنهي حالة الانقسام، وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة المالية والاقتصادية.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك