في تصعيد دبلوماسي جديد يعكس عمق التحالف المتنامي بين موسكو وبيونج يانج، وجهت روسيا تحذيراً شديد اللهجة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مطالبة بعدم خلق تهديدات تمس أمنها القومي وأمن كوريا الشمالية. 
جاء هذا الموقف الروسي خلال زيارة غير مسبوقة لوزير الخارجية سيرجي لافروف إلى كوريا الشمالية، في خطوة تؤكد تطوراً واضحاً في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين المعزولين سياسياً من قبل الغرب.

لافروف في بيونج يانج: رسائل قوية ضد واشنطن

أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال زيارته إلى كوريا الشمالية، أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولات لتهديد الأمن القومي الروسي أو الكوري الشمالي، مشيراً إلى أن روسيا لن تتدخل في الحوار بين الكوريتين إلا في المسائل التي تهم بيونغ يانغ بشكل مباشر.
وقال لافروف بلهجة حاسمة: "نحن نتابع بقلق التحركات الغربية التي تحاول جر المنطقة إلى مزيد من التوتر"، محذراً من أن أي محاولة لعزل كوريا الشمالية أو الضغط عليها ستُقابل برد فعل محسوب من قبل الحلفاء.

تعاون استراتيجي يتعزز: من الدفاع إلى الإعمار

زيارة لافروف إلى مدينة وونسان الساحلية في كوريا الشمالية تأتي ضمن سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين، شهدت خلال الأشهر الماضية توقيع اتفاقية دفاع مشترك تُعدّ من أبرز مؤشرات الشراكة العسكرية.
ووفقاً لتقارير استخباراتية كورية جنوبية، أرسلت كوريا الشمالية بالفعل أكثر من 10 آلاف جندي إلى موسكو للمشاركة في القتال في أوكرانيا، في حين وافقت بيونج يانج على إرسال 6 آلاف مهندس وعامل بناء للمساهمة في إعادة إعمار منطقة كورسك الروسية.

أنظار إلى أوكرانيا وشبه الجزيرة الكورية

الزيارة تأتي في توقيت حساس، حيث تشهد الحرب في أوكرانيا تصعيداً جديداً مع استخدام مكثف للطائرات المسيرة والصواريخ من قبل الجانبين. 
ومن المقرر أن يناقش لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سون هوي تطورات الحرب الأوكرانية والوضع المتأزم في شبه الجزيرة الكورية.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية "تاس" أن هذه النقاشات قد تشمل أيضاً التنسيق المستقبلي بشأن الدفاع المشترك، وسبل مواجهة العقوبات الغربية المفروضة على كوريا الشمالية وموسكو.

لافروف في طريقه إلى بكين: محور ثلاثي يتبلور

بعد اختتام زيارته لبيونج يانج، يتوجه لافروف إلى الصين لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون، في مسعى روسي لتعزيز المحور الآسيوي الذي يضم روسيا، الصين، وكوريا الشمالية، في مواجهة الاستراتيجية الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك الروسي يشكل جزءاً من إعادة تشكيل النظام الدولي عبر تحالفات جديدة ترفض الهيمنة الغربية وتسعى إلى خلق توازن جيوسياسي مغاير.

في ظل الانقسامات العالمية المتزايدة، تبدو زيارة لافروف إلى كوريا الشمالية بمثابة رسالة مزدوجة: أولاً لواشنطن وحلفائها بأن أمن موسكو وبيونج يانج خط أحمر، وثانياً لتأكيد أن روسيا لم تعد وحيدة في معركتها مع الغرب، بل تملك حلفاء مستعدين لدعمها ميدانياً وسياسياً في جميع الساحات.