معاذ: شهادة وفاة موقّعة إدارياً - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معاذ: شهادة وفاة موقّعة إدارياً - بلس 48, اليوم السبت 12 يوليو 2025 01:46 مساءً

عندما نكتب عن معاذ، فنحن لا نكتب بدافع الاصطفاف مع الضحية ، بل نبحث عن أشلائنا التي نزفت معه كهيئة تدريس في صمت المؤسسات التعليمية

لم نعرف معاذ عن قرب لكننا عرفناه من خلال أنفسنا ومن خلال عملنا اليومي ومن خلال ما يحدث في مؤسساتنا التعليمية من اضطهاد و ظلم

لم نجلس معه يومًا، لكننا سمعنا عنه من خلال ما لم يقله في رسائل صمته، كان يشبهنا كثيرا أكثر مما يحقّ لأي منا أن يعترف.

لم يكن مطلوبًا منه أن يُدرّس، كان مطلوبًا منه أن يصمت، أن ينافق ،أن يخضع أن يُشبه كلّ الأساتذة الذين تعلّموا النجاة بالصمت، والركض في الممرات دون أن يُصدروا صوتًا، كانوا يريدونه ظلًّا على الحائط، لا مربيا له موقف.

لكن معاذ، ذاك الشاب الذي بدأ حياته المهنية بالمآسي، لم يكن يعرف أن المدارس ليست كلها مدارس، وأن المدير قد يكون خصمًا لا شريكًا، وأن التهمة في هذا القطاع تخرج من أفواه جمعيات الآباء وتُخَتَم بخاتم "الإدارة".

لم يكن يعرف أن كرامة الأستاذ تُعلّق في أروقة المديريات، وأن شكايةً كيدية قد تكون المِشرط الذي يفتح خاصرته دون بنج.

معاذ لم ينتحر، معاذ أُعدم إداريًا، بمحضرٍ باردٍ، ولجنةٍ استمعت إلى طرفٍ واحد،

ولم تسمع وجع شابٍّ أنهكته التهم قبل أن يُتمّ فصله الدراسي الأول.

معاذ كان صادقًا أكثر من اللازم، هشًّا أكثر من المسموح،وكان الموت بالنسبة إليه أقلّ قسوةً من وثيقة توقيف بلا استماع، ومن وطن لا يُنصت إلى الأساتذة إلّا عندما يصمتون إلى الأبد.

معاذ لم يكن أستاذًا عاديًا، بل مرآتنا المكسورة التي عكست ما نخاف أن نواجهه نحن، حين نُجلد ولا نصرخ، حين نُهان ولا ننسحب،وحين نواصل العمل لأننا خائفون من "المستقبل " أكثر من الألم الذي لحق بنا .

فلا تلوموا معاذ،ولوموا كلّ الذين دفعوه ليختار القبر بدل الطعنات اليومية

ولوموا منظومةً تُشبه قفصًا كبيرًا، لا يُسمح لك أن تطير فيه إلا إذا كُسرت أجنحتك.

رحمك الله معاذ وأسكنك فسيح جناته

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق